2017-01-23

الفرض التّأليفيّ 1: (دراسة النّصّ)، المحور 2، نصّ: (مِن النّات)، الإصلاح، 2016-2017






أســــتاذة العربـيّة
الفرض التّأليفيّ 1: دراسة النّصّ
معهد 'قرطاج حــنّـبعل'
فوزيّة الشّـــطّي
{³ 4 رياضيّات :³{
2017.01.02
d التّلميذ (ة): ....................................... الرّقم: ....... c
                                                                                                      
حِينَ قَامَ بَنُو العبَّاسِ على أنْقاضِ بَنِي أُمَيَّةَ بدأ عصرٌ جديدٌ. وانتقلَ مركزُ النّشاط الموسيقيّ مِن دِمشقَ إلى بغدادَ. ودخلتِ الموسيقَى مع سَائرِ الفُنونِ والآدابِ عصْرَها الذّهبيَّ خُصوصا في عهدِ 'هارُونَ الرّشيدِ' [...] الّذي كان ابنُه المفضَّلُ 'أبُو عِيسَى' مُوسِيقيّا مُـجِيدا يُشارِكُ في الحفَلاتِ الموسيقيّةِ بِالبلاطِ مع أخِيه أحمدَ.
لَقَدْ كان شَغَفُ مُعظمِ الخُلفاءِ العبّاسيِّين بالفنِّ والموسِيقَى عَمِيقا. وكانَ 'الواثِقُ' أوّلَ خليفةٍ يُعتبَرُ مُوسيقيّا حقيقيّا. ويُشْهَدُ بأنّه أعْلَمُ الخُلفاءِ بهذا الفَنِّ وأنّه كان مُغَنِّيا بارِعا وعازِفا ماهِرا على العُودِ.[...] بذَلَ العبّاسيّونَ المالَ في سبيلِ العلْمِ والفنّ. فتأسّستْ في عَهدِهم المكْتباتُ والمعاهدُ والمسْتَشفيَاتُ والمعاملُ. [ومِن الطّبيعيِّ أنْ يَتقدّمَ فنُّ الموسيقَى في هذهِ الظّروفِ الملائِمةِ]. فظهرَ أشْهرُ الـمُغنِّينَ. وبلَغَتِ الموسيقَى ذروةَ مَجْدِها مِنْ حيثُ الأداءُ الغِنائيُّ وانتشارُ العُلومِ والبُحوثِ والدّراساتِ الموسيقيّةِ.[...] وفي أوائلِ القرنِ (10م) بدأتِ الموسيقَى العربيّةُ تتأثّرُ بأذْواقٍ دخِيلةٍ مِنَ الفُرْس والمغُولِ والأتْراكِ وغيرهم مِـمَّنْ اتَّصَلُوا بالعَربِ عنْ طريقِ الحربِ أو التّجارةِ. وتَرْجَمَ العربُ منذ القرنِ (9م) مُعظمَ البُحوثِ الموسيقيّةِ الإغريقيّةِ إلى العربيّة. واسْتَطاعُوا التّفوُّقَ على الإغْريقِ بِأنْ أضَافُوا قواعِدَ وأساليبَ جديدةً في العزْفِ والتّلحينِ والأدَاء. [...] ويَعْترفُ الغربُ أنّ العربَ وَضَعُوا بين القرنيْن (9و13م) حواليْ مِئتيْ مُصنَّفٍ في سائرِ الفنونِ والعلومِ الموسيقيّةِ وأنّ أربعةً مِنْهَا ذاتُ أهميّةٍ بالغةٍ، حتّى إنّها أثّرتْ في الموسيقَى الغربيّةِ. وهي:
1- 'رسالةٌ في خَبَرِ تَألِيفِ الألْحانِ' للكِنْديّ: يُوجد هذا المخطوطُ الآنَ في المتْحَفِ البرِيطانيّ. وهو يَشْتملُ على أوّلِ بحثٍ في نظريّةِ الموسيقى العربيّة. وفيه طرقٌ خاصّةٌ للتّدوينِ الموسيقيّ.
2- 'كتابُ الموسِيقَى الكَبِيرُ' للفَارابي: يُعتَبَرُ أعظمَ الكتبِ الموسيقيّة الّتي صُنِّفتْ على الإطلاقِ.
3- 'كتابُ الشِّفَاءِ' للرّئيسِ ابنِ سينا: فيه جزءٌ مهمٌّ عن النّظريةِ الموسيقيّة العربيّة وعن العلاجِ الطّبّـيّ بالموسيقَى.
4- 'كتابُ الأدْوارِ في الموسِيقَى' لِصَفِيّ الدّين الأرْمَويّ: يعترف 'كرُوسلِي هُولاَند' أنّ كلَّ مَن كتبَ في النّظريّات الموسيقيّة بعد صَفيّ الدّين اعْتمدَ اعْتِمادا كبيرا على هذا الكتابِ وجعلَه أساسًا لبُحوثِه ودراساتِه.
http://al-hakawati.net/arabic/music_art/defindex4.asp : موقع الحكواتي (بتصرّف)
- يَعقوبُ بنُ إسحاق الكِنْديّ: (ت: 873م) علاّمةٌ إسلاميٌّ بَرَعَ في الفلَكِ والرّياضيّاتِ والفلسفةِ والموسيقَى والفيزياء والطّبّ...
- أبُو نصْرٍ محمّد الفارابي: (ت: 950م) فيلسوفٌ وطبيبٌ، اِهتمَّ بالمنطقِ، لُقِّبَ بِـــ 'المعلِّم الثّاني' بعد أرسطُو.
- أبُو عَليّ بْنُ سِينَا: (ت: 1037م) اِشتهر بالطّبّ والفلسفة، اِهتمّ بِالشّعر والرّياضيّات، لُقِّب بِــ 'الشّيْخ الرّئيس'.
- صَفِيّ الدّين الأرْمَويّ: (ت: 1294م) باحثٌ موسيقيّ عربيّ بَرَعَ في العزْف على العُودِ وفي الشّعر والتّاريخ والخطّ العربيّ.
- بِيتر كرُوسْلِي هُولاَند Peter Crossely Holland: عالِـمٌ ومُؤلِّفٌ مُوسيقيّ بريطانيّ، تُوُفّي 2001.
                                                             
أســــتاذة العربـيّة
الفرض التّأليفيّ 1: دراسة النّصّ
معهد 'قرطاج حــنّـبعل'
فوزيّة الشّـــطّي
{³ 4 رياضيّات :³{
2017.01.02
dالتّلميذ(ة): .............................. الرّقم: ..... العدد: ................./20c

1-  فَسِّر الجملةَ المسطَّرةَ والموضُوعةَ بين مَعقُوفين في النّصّ: (1،5ن)
........................................................................................................
........................................................................................................
2-  ما هي أهمُّ الحُجَجِ الواقعيّةِ على المنزلةِ العُظْمَى الّتي حَظِيتْ بها الموسيقَى لَدَى العبّاسيّين؟ (3ن)
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
3-  اِختَصَّ أغلبُ مَنْ وَضَعُوا الـمُصنَّفَاتِ الموسِيقيّةِ الأعْظَمَ بالطّبّ والفلسفةِ. كيفَ تُعلِّلُ ذلك؟ (2ن)
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
4-  هل تُوافقُ على دَعْمِ الفنُونِ والآدابِ قانونيّا وإعلاميّا وماليّا زَمَنَ الأَزَمَاتِ الاقْتِصَادِيَّةِ؟ عَلِّلْ جوابَك: (2ن)
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
5-  اِسْتخرِج من النّصّ: (1،5ن)
-       جملةً فيها اسمُ تفضيل: ...................................................................
-       جملةً فيها حرفُ تحْقِيق: ...................................................................
6- اِشْرحِ العباراتِ التّاليةَ مُسْتعِينا بِسياقِها في النّصّ: (2ن)
-   عَلَى أنْقاضِ (سطر1): ................................................................
-   عَصْرَها الذَّهَبِـيَّ (سطر2): .............................................................
-   ذُرْوَةَ مَـجْدِهَا (سطر7): ...............................................................
-   أذْواقٍ دَخِيلةٍ (سطر8): ...............................................................
7-  اُكتُبْ فقرةً لا تتجاوزُ خمسةَ عشَرَ سطْرا [15] تُحلِّلُ فيها الأطرُوحةَ التّاليةَ: (7ن)
«أَنْتَجَتِ الحَضَارَةُ العَرَبِيَّةُ الإسْلاَمِيَّةُ فُنُونًا وآدَابًا خَالِدَةً خَاصَّةً فِي مَيَادِينِ الشِّعْرِ وَالنَّقْشِ وَالخَطِّ وَالعِمَارَةِ وَالأَدَبِ القَصَصِيِّ... أَثْرَتْ بِهَا الثَّقَافَةَ الإِنْسَانِيَّةِ.
فَسِّرْ العَوَامِلَ الَّتِي خَلَقَتِ النَّهْضَةَ الفَنِّيَّةَ وَالأَدَبِيَّةَ عِنْدَ العَرَبِ قَدِيـمًا مُسْتَشْهِدًا بِأَمْثِلَةٍ مُنْتَقَاةٍ».
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
........................................................................................................
³ نقطة [1] على وُضوحِ الخطِّ ونَظافةِ الوَرقة ³
                      { عَـــمــــــــــــــــــــلاً مُـوفَّـــــــــــــــــــــقًا {                   
الإصْـــــــــلاح
أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي، إصلاح الفرض التّأليفيّ 1، دراسة النّصّ، 4 رياضيّات، 
معهد قرطاج حنّبعل، 2016-2017
1-  فَسِّر الجملةَ المسطَّرةَ والموضُوعةَ بين مَعقُوفين في النّصّ: (1،5ن)
تَعرضُ هذه الجملةُ نتيجةً حتميّة لِـما سبَق ذكرُه مِن العواملِ السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة. فتقدُّمُ الموسيقى كانَ مشروطا بالتّطوّرِ الحاصل في الدّولة العبّاسيّة مِن رخاءٍ وسخاء ودَعَةٍ وصناعة واهتمامٍ بالفنون...  
2-  ما هي أهمُّ الحُجَجِ الواقعيّةِ على المنزلةِ العُظْمَى الّتي حَظِيتْ بها الموسيقَى لَدَى العبّاسيّين؟ (3ن)
تتمثّلُ أهمُّ الحججِ الواقعيّة على المنزلة العُظمى الّتي حظيتْ بها الموسيقى لدى العبّاسيّين: في كثرةِ النّشاط الفنّي بالعاصمة 'بغداد'، وفي اهتمامِ الخلفاء وأبنائهم بالموسيقى سماعا وممارسة وتمويلا، وفي ظهورِ أشهر المغنّين والعازفين آنذاك، وفي ترجمةِ التّراث الموسيقيّ الإغريقيّ، وفي تصنيفِ مؤلّفات موسيقيّة عربيّة عظيمة الأهـمّيّة، وفي التّنوّعِ الموسيقيّ النّاتج عن التّفاعل بين الشّعوب والثّقافات والأذواق الفنّيّة المتنوّعة المتعايشة داخل الدّولة العربيّة الإسلاميّة.
3-  اِختَصَّ أغلبُ مَنْ وَضَعُوا الـمُصنَّفَاتِ الموسِيقيّةِ الأعْظَمَ بالطّبّ والفلسفةِ. كيفَ تُعلِّلُ ذلك؟ (2ن)
أعظمُ الـمُصنَّفَاتِ الموسِيقيّةِ وضعَها مختصّون في الطّبّ والفلسفة، أشهرُهم: الكنديّ والفارابي وابن سينا. أمّا الأسبابُ فيمكن حصرُها في ثلاث: أوّلا: اِنتبه الأطبّاءُ القدامَى إلى كوْنِ الموسيقى وسيلةً علاجيّة ذاتَ أثرٍ إيجابيّ في الأمراض النّفسيّة والعصبيّة. ثانيا: دأبَ الفلاسفةُ على الانْشغال بكلّ العوامل المؤثّرة في الوجود البشريّ، والموسيقى كذلك. ثالثا: كان العلماءُ في العصور الماضِية مِنْ ذوِي الثّقافة الموسوعيّة الشّاملة.
4-  هل تُوافقُ على دَعْمِ الفنُونِ والآدابِ قانونيّا وإعلاميّا وماليّا زَمَنَ الأَزَمَاتِ الاقْتِصَادِيَّةِ؟ عَلِّلْ جوابَك: (2ن)
[يحقّ للتّلميذ أن يختارَ أيَّ موقفٍ يشاءُ. ويُحاسَب على حُسنِ الصّياغة وجودةِ التّعليل].
أ- نعم، أوافقُ على دعمِ الفنُونِ والآدابِ قانونيّا وإعلاميّا وماليّا زَمَنَ الأَزَمَاتِ الاقْتِصَادِيَّةِ. فالأنشطةُ الفنّيّة والأدبيّة ركنٌ رئيس مِنْ الحياة الطّبيعيّة للنّاس. وهي مِنْ مقوّماتِ الهويّة الجمْعيّة المتوازنة. ثمّ إنّ الفنونَ والآدابَ تساهمُ في تشغيلِ المعطَّلين عن العمل وفي شَحْذِ هِمَمِ العامِلِين المنتِجين للثّروة وفي إنعاشِ الاقتصاد المتأزّم (توفيرُ العملة الصّعبة، التّشجيعُ على الاستهلاك..). فلا يجوزُ التّضحيةُ بالفنّ والأدب بحجّةِ الأزمة الاقتصاديّة.
ب- لا، لا أوافقُ على دعمِ الفنُونِ والآدابِ قانونيّا وإعلاميّا وماليّا زَمَنَ الأَزَمَاتِ الاقْتِصَادِيَّةِ. فالأولويّةُ للقُوت والدّواء والسّكن باعتبارها مسألةَ حياةٍ أو موت. أمّا المتعةُ الفنّيّة والأدبيّة فهي من بابِ الكماليّات. إنّ الجائعَ لن يُشبِعه كتابٌ، والمريضَ لن تُشفِيه مسرحيّةٌ، والمعطَّلَ عن العمل لنْ تشغَلَه قطعةٌ موسيقيّة... زمنَ الأزمات نحتاجُ ترتيبَ الأولويّات بما يضمنُ الحياةَ أوّلا وجوْدَتَها ثانيا.
5-  اِسْتخرِج من النّصّ: (1،5ن)
-       جملةً فيها اسمُ تفضيل: كَانَ الواثِقُ أوَّلَ../ ويُشْهَدُ بِأنّهُ أعْلَمُ../ ظَهَرَ أشْهَرُ المغَنِّينَ/ يُعْتَبَرُ أعْظَمَ الكُتُبِ../
-       جملةً فيها حرفُ تحْقِيق: لَقَدْ كَانَ شَغَفُ مُعْظَمِ الخُلَفَاءِ العبَّاسِيّينَ بالفَنِّ والموسِيقَى عَمِيقًا. 
6-   اِشْرحِ العباراتِ التّاليةَ مُسْتعِينا بِسياقِها في النّصّ: (2ن)
-   عَلَى أنْقاضِ (سطر1): عَلَى حُطَامِ / عَلَى أَطْلاَلِ / بَعْدَ سُقُوطِ...
-   عَصْرَها الذَّهَبِـيَّ (سطر2): عَهْدَهَا الزَّاهِرَ الـمَجِيدَ / فَتْرَةَ ازْدِهَارِهَا...
-   ذُرْوَةَ مَـجْدِهَا (سطر7): أقْصَى حَالاَتِ التَّطَوُّرِ وَالازْدِهَارِ / قِمَّةَ التَّقَدُّمِ...
-   أذْواقٍ دَخِيلةٍ (سطر8): أَنْوَاعٍ مُوسِيقِيَّةٍ غَرِيبَةٍ / طُرُقٍ وَافِدَةٍ مِنَ الإِبْدَاعِ الـمُوسِيقِيِّ...
7-   اُكتُبْ فقرةً لا تتجاوزُ خمسةَ عشَرَ سطْرا [15] تُحلِّلُ فيها الأطرُوحةَ التّاليةَ: (7ن):
«أَنْتَجَتِ الحَضَارَةُ العَرَبِيَّةُ الإسْلاَمِيَّةُ فُنُونًا وآدَابًا خَالِدَةً خَاصَّةً فِي مَيَادِينِ الشِّعْرِ وَالنَّقْشِ وَالخَطِّ وَالعِمَارَةِ وَالأَدَبِ القَصَصِيِّ... أَثْرَتْ بِهَا الثَّقَافَةَ الإِنْسَانِيَّةِ. فَسِّرْ العَوَامِلَ الَّتِي خَلَقَتِ النَّهْضَةَ الفَنِّيَّةَ وَالأَدَبِيَّةَ عِنْدَ العَرَبِ قَدِيـمًا مُسْتَشْهِدًا بِأَمْثِلَةٍ مُنْتَقَاةٍ».
عندما بلغتِ الحضارةُ العربيّة الإسلاميّة ذروةَ المجدِ والازدهار أنتجتْ فنونا وآدابا خالدة خاصّةً في ميادين الشّعر والنّقشِ والخطِّ والعمارةِ والأدب القصصيّ وغيرها. فما العواملُ الّتي ساعدتْ في هذا الإنتاجِ المتنوّع الغزير؟ وما هي أهمُّ النّماذجِ الدّالّة على الثّراء الفنيّ والأدبيّ آنذاك؟
تكدّستِ الأموالُ في خزائنِ الدّولة العربيّة الإسلاميّة المترامية الأطراف. كان ذلك بفضل توسّعِ الفتوحات في العهديْن الأمويّ ثمّ العبّاسيّ. وحصل التّفاعلُ الإيجابيّ الـمُثمِر مع الثّقافات الدّخيلة الوافدة. وقد انتبه أغلبُ خلفاء بني العبّاس إلى قيمةِ الفنون والآداب في ترسيخِ أركان الدولة وإدامةِ ذِكرها وضمانِ هيبتِها بين الدّول. فكان إنفاقُ المال بسخاء على حركة التّرجمة وعلى فنِّ النّقش العربيّ الّذي غزا الجوامعَ والقصورَ. وتنافسَ السّاسةُ في تشييدِ المباني البهيّة الضّخمة الّتي تُرسِّخ أسماءَهم في التّاريخ. فكان 'الجامعُ الأمويُّ' بدمشقَ مثلا تحفةً معماريّة لا نظيرَ لها. بالتّوازي مع ذلك نشِطتْ حركةُ التّأليف شعرا ونثرا. فارتادَ أغلبُ الشّعراءِ قصورَ الخلفاء وتنعّموا بفائض السّخاء. وشهدتِ القصيدةُ العربيّة أجلَى محاولات التّجديد فيها على يد 'أبي نوّاس' و'بشّار بن بُرْد' وغيرهما. أمّا النّثرُ الفنّيّ فوجد الفرصةَ سانحةً لينموَ. إذْ ظهرتِ الحكايةُ المثَلِيّة ونموذجُ الأدب السّياسيّ الرّمزيّ 'كليلةُ ودمنةُ' مع عبد اللّه بن الـمُقفّع ترجمةً وإثراءً. فحفظَ بذلك إرثا إنسانيّا اختفتْ جميعُ نُسَخِه الهنديّة والفارسيّة. أمّا إمامُ الأدب 'أبُو عثمان الجاحظ' فصنّفَ كتابَه البديعَ 'البُخَلاءُ' مُصوّرا تحوُّلَ القيمِ في عصره ومحلِّلا نفسيّةَ البخيلِ. كثرةُ التّصنيفات كانتْ دافعا رئيسا لتطوّر الخطّ العربيّ. فبرزت أنواعٌ عدّة، منها الكوفيّ والفارسيّ والدّيوانيّ. وتفنّنَ النُّسّاخُ في تزويقِ الكتب الّتي ينسِخون بما يجعلُها مزيجا بديعا مِن الزّخرفة النّباتيّة والحيوانيّة والهندسيّة. بل تجاوز الخطُّ العربيّ فضاءَ الكتب لتُحلَّى به المباني العامّة والخاصّة. فخلّد أسماءَ الخلفاء وأمجادَهم، وأنشأ لوحاتٍ فنّيّة تجعل النّصَّ اللّغويّ مادّةً للتّصوير.
نخلصُ مِـمّا سبق إلى كَوْنِ الفنون والآداب، تماما كالعلومِ، تزدهرُ كلّما ازدهرتِ الدّولةُ سياسيّا واقتصاديّا وعسكريّا. وتتقلّصُ متى ضعُفتِ الدّولةُ وشحّتْ مواردُها وهجرتْها نخبةُ القومِ. إنّ الفنَّ والأدبَ هما الكفيلان بصياغة أصدقِ الصُّور عن حالِ البلاد والعباد. قد يراوغُ السّياسيّ، وقد يكذبُ المؤرّخُ. أمّا الفنّانُ فهو الضّميرُ الحيُّ الحقُّ.
{ نقطة [1] على وُضوحِ الخطِّ ونَظافةِ الوَرقة { عَـــمــــــــــــــــــــلاً مُـوفَّـــــــــــــــــــــقًا {